الأربعاء، 1 مايو 2024

مجلة وجدانيات الأدبية (( حِكايَةُ مُمرِّضةٍ غَزِّيَّةٍ )) بقلم الشاعر د. أسامه مصاروه



حِكايَةُ مُمرِّضةٍ غَزِّيَّةٍ
منذُ الطفولةِ أدركتْ هيَ من تكونْ
وحياتُها رهنٌ لغائِلَةِ المَنونْ
فعَدوُّها يخشى البراءَةَ في العُيونْ
ويعيشُ في رُعْبٍ يُساورُهُ الجُنونْ
نَتِنٌ يرى في الْقَتْلِ والْهّدْمِ الْخلاصْ
حبْلَ النَّجاةِ مِنَ الْعُقوبَةِ والْقَصاصْ
وَكَغيْرِهِ عشِقَ المَدافِعَ والرَّصاصْ
فالْحَرْبُ مَدرَسَةٌ لَديْهِمْ واخْتِصاصْ
فبِدونِها لا حاجةٌ لِوُجودِهِمْ
حتى وإنْ سُفِكتْ دِماءُ جُنودِهِمْ
فوُجودُهُمْ وبقاؤُهُمْ عبْرَ اللُّحودْ
في ظلِّ هذا الْوَضْعِ تخْتَنِقُ الْوُرودْ
وهُناكَ في أرضٍ تجاهَلَها القَدرْ
وَكأَنّ من فيها وُحوشٌ لا بَشرْ
عاشتْ ملاكُ كغَيْرِها بيْنَ الْحُفرْ
خوْفًا مِنَ الغاراتِ فالْحذرَ الْحَذرْ
كبُرتْ ملاكُ وبيتُها مُستَنْقعُ
والعالمُ العاري فقطْ يتقوْقَعُ
صرخوا لعلَّ صراخَ قوْمٍ يُسْمعُ
ولعلَّ أرواحَ الضحايا تَشْفَعُ
قبلَ الأوانِ رضيعُهمْ رجُلًا يصيرْ
ومتى يثورُ هوَ الضحيّةُ والأسيرْ
فنظيرُهُ الأحقادُ والجيشُ الكبير
وشقيقُهُ القوّادُ قدْ فقدَ الضميرْ
مُنذُ الطفولةِ لُقِّبَتْ بالملاكْ
فالغولُ تقتُلُ دونَ إنذارٍ هناكْ
تصطادُهمْ برَصاصِ غدرٍ لا شِباكْ
وتّصُبُّ فوقَ رؤوسِهمْ حِمَمَ الهلاكْ
وَمَلاكُنا عرِفتْ خطورَةَ عيْشِها
فأمامَها غولٌ وسائرُ جيشِها
أخَذتْ تداوي روحُها في نعْشِها
وبِدونِ خوْفٍ مِنْ براثِنَ بطْشِها
وملاكُنا في حقلِ ألغامٍ تسيرْ
لا تتَّقي عبثًا لِقناصٍ خطيرْ
فالقنصُ مُتْعتُهُ بهذا خبيرْ
وجرائمُ القنّاصِ تحظى بالكثيرْ
خرجَتْ ملاكُ بدونِ خوْفٍ أوْ خُنوعْ
وَبلا اكتراثٍ بالقنابلَ والدُروعْ
أخذتْ تٌعالجُ ما استطاعتْ من جُموعْ
وتُخفِّفُ الآلامَ أيضًا والدموعْ
ظنّتْ ملاكُ بأنَّها حصنٌ منيعْ
لا الغدرُ يقْتُلُها ولا البطشُ المُريعْ
حتى هوتْ برصاصِ قنّاصٍ وَضيعْ
لا شيءَ يردَعُهُ ولوْ قتلَ الجميعْ
د. أسامه مصاروه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق