ردني إليك
أيا روحًا تاهت في غياهبِ البُعدِ
ونفسًا تشتاقُ لِقُربِكَ يا سندي
أتيتُكَ اليومَ أرجو منك لي عودا
فقد ضاقت بيَ الأرجاءُ يا أملي
تعبتُ من السيرِ في دروبِ الشتاتِ
وقلبي يئنُّ من لوعةِ الآهاتِ
فلا نورٌ يلوحُ في أفقِ الظلماتِ
إلا ضياؤكَ يا شمسَ الوجودِ
أذكرُ أيامًا كانت الروحُ فيكَ
تسبحُ في بحرِ حبٍّ لا ينتهي
واليومَ غدتْ وحيدةً تبحثُ عنكَ
في كلِّ زاويةٍ من هذا الكونِ
فردني إليكَ يا من ملكتَ فؤادي
وأسكنتَ الروحَ في رياضِ الودادِ
فلا عيشَ لي دونك يا كلَّ مرادي
ولا حياةَ تُرجى إلا بقربكَ
أناجيكَ في صمتِ الليلِ البهيمِ
ودمعُ العينِ يجري كالسيلِ العميمِ
فهل تسمعُ ندائي يا ربَّ العظيمِ
وهل تجيبُ دعائي يا منجي العبيدِ
لقد أضناني الشوقُ يا نورَ عيني
وأنهكني البعدُ عنكَ يا قرةَ عيني
فلا صبرَ لي بعدَ اليومِ يا معيني
ولا طاقةَ لي على هذا الصدودِ
فعدْ بي إليكَ يا من أنتَ لي وطنٌ
ويا من أنتَ لي ملاذٌ ومأمنٌ
فلا أرتضي غيرَ قربكَ مسكنٌ
ولا أشتهي غيرَ وصلكَ يا ودودِ
فأنتَ الأمانُ في زمنِ الخوفِ
وأنتَ السكينةُ في بحرِ الجورِ
وأنتَ النجاةُ من كلِّ ضيقٍ
وأنتَ الشفاءُ من كلِّ داءٍ
فردني إليكَ يا من أنتَ لي كلُّ شيءٍ
ويا من أنتَ لي الوجودُ واللا شيءِ
فلا أرجو من الدنيا غيرَ وجهكَ
ولا أطلبُ من الحياةِ غيرَ قربكَ
فيا ربِّ العبادِ ويا خالقَ الكونِ
ردني إليكَ قبلَ أن يفوتَ الأوانُ
فلا حياةَ لي دونك يا رحمنُ
ولا بقاءَ لي إلا في حماكَ
فكم من ليالٍ قضيتها ساهرًا
أناجي النجومَ وأشكو لها حالي
فلا أجدُ سلوى ولا أرى بارقًا
يُعيدُ لي الأنسَ أو يُحيي آمالي
فيا من إليهِ المشتكى والمآبُ
ويا من إليهِ كلُّ قلبٍ أنابَ
اجعلْ لي من لدنكَ فتحًا وبابًا
يُوصلني إليكَ يا عالي الجلالِ
فأنتَ القريبُ المجيبُ للدعاءِ
وأنتَ السميعُ العليمُ بالخفاءِ
فلا تحرمني من فيضِ العطاءِ
ولا تتركني وحيدًا في الضلالِ
فروحي إليكَ يا ربِّي تشتاقُ
وقلبي بحبكَ يا مولايَ خفّاقُ
فلا تذرني في بحرِ الشقاءِ غارقًا
وخذْ بيدي إليكَ يا خيرَ والي
فقد فاضَ الكأسُ من مرِّ العذابِ
وتكسّرتْ أشرعتي فوقَ العبابِ
فكنْ ليَ النورَ في ظلمةِ الغيابِ
وكنْ ليَ السندَ في شدةِ الأهوالِ
فردني إليكَ يا من إليهِ المرجعُ
ويا من إليهِ كلُّ أمرٍ يُرفعُ
فلا عيشَ لي دونك يا منبعَ النبعِ
ولا راحةَ لي إلا في ظلالِكَ
فأنتَ الرجاءُ في بحرِ اليأسِ
وأنتَ الأملُ في زمنِ البؤسِ
وأنتَ النورُ في عتمةِ النفسِ
وأنتَ الحياةُ في موتِ الأزمانِ
فردني إليكَ يا من أنتَ لي كلُّ غايةٍ
ويا من أنتَ لي البدايةُ والنهايةُ
فلا أرتضي غيرَ قربكَ حكايةً
ولا أطلبُ من الدنيا غيرَ وصالِكَ
فكم من دموعٍ ذرفتُها شوقًا
وكم من ليالٍ قضيتُها حرقًا
فهل من لقاءٍ يُطفئُ هذا الشوقَ
وهل من وصالٍ يُحيي هذا الكيانَ
فأنتَ السلوى لقلبٍ معذّبٍ
وأنتَ الدواءُ لروحٍ تتألمُ
وأنتَ النجاةُ من كلِّ شرٍّ
وأنتَ الخيرُ في كلِّ مكانٍ
فردني إليكَ يا من أنتَ لي الروحُ
ويا من أنتَ لي القلبُ والبوحُ
فلا أعيشُ دونك يا منبعَ الروحِ
ولا أتنفسُ إلا في هواكَف
يا ربِّي يا من وسعتَ كلَّ شيءٍ
رحمةً وعلمًا وقدرةً وعطاءً
ردني إليكَ ردًّا جميلاً
يُرضيكَ عني ويُرضيني رضاكَ
فأنتَ ملاذي في كلِّ ضيقٍ
وأنتَ عوني في كلِّ طريقٍ
وأنتَ نصيري في كلِّ محنةٍ
وأنتَ حسبي في كلِّ حالٍ
فردني إليكَ يا من أنتَ لي الأمانُ
ويا من أنتَ لي السكينةُ والاطمئنانُ
فلا أخشى بعدَ قربكَ شيئًا
ولا أبالي بمرورِ الزمانِ
رزوقة ليلى الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق