السبت، 29 مارس 2025

مجلة وجدانيات الادابية (( صمت النواقيس )) (( الشاعر بقلمي: جورج عازار))

 صمتُ النَّواقيسِ

غريبٌ استحلَّ دَمي

وأنا أمضغُ حُزني

وصارَ يفتُكُ بّذاكرتي

أحقداً كان ذاك الَّذي

على زبدِ البحرِ راحَ يعومُ؟

أم غِلّاً في الصدورِ راحَ يشتعلُ؟

أم "هذِهِ كُلُّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ؟".

والخواتِمُ خيامٌ سودٌ

مثلُ مُزنٍ عاقراتٍ

في الأجواءِ تلوحُ

"راحيلُ تبكي أولادَها ولا تريدُ أن تتعزَّى"

هناكَ في العراءِ

نَسيتُ طعمَ البكاءِ

ونَسيتُ كيفَ يصيرُ الدمعُ نورساً

يلتهمُ كلَّ الأوجاعِ

ويَعِبُّ كُلَّ مياهِ البحرِ، أبداً

لا يشبعُ

تُبلِّلُهُ مياهُ آذارَ الحارقةُ

ولا يغرقُ

يُلقي باللائمةِ على براعمَ

ما تفتَّحتْ بَتلاتُها بعدُ

وعلى خيباتٍ صارتْ سنديانةً في الرُّوحِ

تنتحبُ في كُلِّ مساءٍ

كُلُّ الآذانِ صمّاءُ

وكُلُّ الحروفِ بكماءُ

فلا فيضُ دمعٍ يُفسَّرُ ولا البكاءُ ينفعُ

حين تصيرُ السَّنابلُ أحجاراً

وحين تُصبحُ أمٌّ ثكلى جبلاً

سبعينيَّةٌ أنا

لكنَّ سباعَ الغابِ على قهري

لا تقدرُ

سبعينيَّةٌ أنا لكنَّ إرادتي

أبداً لا تموتُ؛ فالفينيقُ أبي وأوغاريتُ أمّي

سبعينيَّةٌ أنا؛ كُلَّما سقيتُ الأرضَ دَمي

تنبُتُ هُناكَ ترانيمُ وزغاريدُ وشقائقُ نعمانَ

هل العيبُ في زَماني

أو قد أخطأتْ مرآتي؟

كيف يموتُ الضَّوءُ؟

ولما تُصبحْ الأقمارُ سراباً

وأثراً بعد عينٍ تصيرُ؟

"أنا الأمُّ الحزينةُ ومامَن يُعزِّيها

ناحَ الحمامُ على تَشتُّتِ أهليها"

هيرودسُ يشربُ أنخاباً

فوق رأسِ يوحنا ويثملُ

وسالومي تُكملُ رقصاتِها الماجنةَ

والدماءُ أنهاراً تنسكبُ

أهريمانُ، أوقفْ عروضَكَ

فخشبةُ المسرحِ مزيداً من الذبائحِ

ماعادت تحتملُ

منذ عهودٍ فَرَغتْ جيوبي

من أكوامِ الفرحِ

تناثرتْ في الدُّروبِ

وفي الأخاديدِ العميقةِ قد هجعتْ

فِريَةٌ كان التاريخُ

يكتبُ

ما ماتَ قابيلُ يوماً

ولا بروتوسَ قد قَبَرْنا

بعيداً رحلتْ

كُلُّ الأَكُفِ الَّتي كانَتْ

عن دَقِّ الأبوابِ لا َتكِفُّ

النواقيسُ صمتٌ وأجنحتي شمعٌ

والدُّروبُ بيداءُ

وما تَبقَّى في الساقيةِ

غيرُ حُلمٍ كَهلٍ وحَفنةِ بارودٍ

وبقايا وردةٍ عتيقةٍ

بقلمي: جورج عازار

اللوحة للفنان التشكيلي السوري المبدع : يعقوب اسحق







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق