مجلة وجدانيات الأدبية (( فلسطين بقلوب العالم )) بقلم أ. د. محمد موسى
القصة القصيرة
فلسطين بقلوب العالم
هذه حكاية تخالف كل المعتقدات السائدة ، أن الأب الدكتور أو الأم الدكتورة يجب أن تصبح الأبناء مثلهم ، فنحن أمام أب وأم ليس لهم من التعليم نصيب ، وأنجبا تسعة من الأبناء "دكاترة" ، أي ليس أطباء فقط بل هم أطباء ويحملوا درجة الدكتوراه ، وكلهم يعملون في الجامعات الأمريكية إما أساتذة أو عمداء ، أسرة من بعد هزيمة ١٩٦٧ هاجروا من فلسطين إلى أمريكا ، وعمل الأب والأم حتى يحققوا للأبناء القدر اليسير من ضروريات الحياة ، ولما أخلصوا بارك الله لهم في الأبناء ، ودخلوا كلهم بالتناوب كليات الطب بمنح تفوق ، وتقدموا سنة بعد سنة والجميع من حولهم مبهورين بتفوقهم ، وعملوا بالجامعات ، وفي إحدى الأيام جاء تليفون للأب العجوز من إحدى محطات التليفزيون التي علمت بقصة هذه الأسرة ومواقع الأبناء التي وصلوا إليها ، وطلبت المحطة إجراء مقابلة معه في حضور الأبناء التسعة مقابل مبلغ كبير من المال ، ووافق الأب وأتصل بالأبناء حتى يتحقق اللقاء بهم عنده ، ولما علم بأن كل منهم مشغول وله إرتباطات ، ظل يلح عليهم لعدة أيام حتى تحقق اللقاء بينهم جميعاً ، وجاء التلفزيون وبدوا الحوار ، كان معد البرنامج قد جعل اللقاء يعبر رحلة الكفاح ، وإظهار الدور الإجتماعي للأباء لتسهيل مسيرة الأبناء وتصوير مدى الأصرار في الحياة لتحقيق هذه النجاحات ، ولكن تغير مسار اللقاء من حماس الجميع للكفاح الدائر الأن رغم كل الخراب في فلسطين ، ولم يركزوا على مرحلة كفاح الأباء والأبناء ، ويصبح موضوع اللقاء كفاح شعب ، أثبت أن الحياة لن تشغله عن قضيته ، حاول مذيع اللقاء تحويل الكلام كما أعده المعد ، ولكنه يجد نفسه محاصر بإحدى عشر فلسطيني يصروا على تأكيد الحق الفلسطيني ، ورفض تبرير الظلم ولي الحقائق ، والغريب أن جامعات التسعة أساتذة مشتركين في إضراب تأيداً لكفاح الشعب الفلسطيني ، وكان من ضم المشاركين طابة وأساتذة من يهود ليسوا صهاينة وعلى أعناقهم الكوفية الفلسطينية ، فإذا بالمذيع يقول شعب بهذا الإصرار رغم كل ما نرى من التضحيات والظلم من حوله لا يضيع حقه وأنهى الحلقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق