السبت، 5 يونيو 2021

على كراسي الألم .......... قصة واقعية بقلم الأديبة سهيلة مسة ـ المغرب


قصة واقعية :
على كراسي الألم .
في أحد الأيام وأنا أنتظر موعدي الطبي في أحد المصحات ... جلست وحيدة ، قلقة ، خائفة ،مترددة ...
مرة أنظر عبر زجاج النافذة المطلة على الشارع العام ، ومرة أغلق عيني وأدعو الله في سري لعل أموري الصحية تكون بخير وأسمع ما يريحني من الطبيب ... لكن اليأس كان يتذبذب إلي كلما نظرت إلى الساعة ...الطبيب تأخر كثيرا وأنا أنتظره أكثر من أربعة ساعات ... ثم أعود وأقول في نفسي : تعودت على هذا الأمر ...
بعد مدة ، جلست بجانبي ،سيدة في سن بين الثلاثين والأربعين ،مبتسمة ،مشرقة، هادئة ... أحسست أنها تحمل شحنات إيجابية لي ، ابتسمت معي ، فرددت الابتسامة ، وبعدها بدأنا الحديث ، نتسلى بالكلام أفضل من الصمت الممل ... لكن ما أخبرتني به كان غير توقعاتي وانطباعاتي الأولية عنها ، بدأت الحكي عنها
وعن مرضها :
قصتي بدأت عندما كنت أحضر نفسي لعيد الفطر قبل ثمان سنوات ... عندما دخلت إلى الحمام فعندما بدأت بلباس ملابسي رأيت شيئا على صدري يشبه سمكة صغيرة تحت الجلد ...لكني لم أعر للأمر أي اهتمام ...مرت سنتين ومرضت أمي ، فكان كل اهتمامي هو أمي التي كانت مريضة بالقلب ، عانيت الكثير معها ومع تطبيبها ، حتى تم إجراء عملية جراحية لقلبها التي كلفتنا كل ما نملك وبمساعدة المحسنين تمت ... ، بعد سنة وجدت أن ذلك الشيء الذي في صدري أصبح كبيرا نوعا ما ، فلما ذهبت عند الطبيب وبعد الإجراءات الطبية تم التأكيد أنني مصابة بسرطان الثدي في المرحلة الثانية ...كان وزني يفوق المئة بكثير ... فبدأت بتنفيذ التعليمات الطبية أولها أن أمتنع عن تناول الملح أو السكر ... ومعها العلاج الكيميائي على شكل حصص تناوبية ... وكلت أمري لله ولكن الخوف الذي كان هو ليس على نفسي بقدر ما هو على أمي التي لن تتحمل هذا الخبر أبدا ... كنت عندما أدخل إلى المنزل بعد حصة العلاج الكيميائي أتصنع البسمة والضحك والمزاح رغم أنها كانت تساورها شكوك حول مظهري ووزني الذي بدأت بفقدانه حتى أصبحت نحيلة جدا وبشكل ملحوظ ... حتى شعري الذي كان يتساقط أجمعه من المشط وألصقه على جبهتي مع لفة خمار خفيفة حتى لا تحس أمي ... تصوري أتناول معها ... ثم أذهب للحمام وأفرغ معدتي من كل ما أكلت لأنني ممنوعة من تناول الملح أو السكر ... وكان غذائي عبارة عن بيضة يوميا والقليل من الفواكه ...
مرت سنتين وأنا أتعالج بسرية ،ثم توفيت أمي ولم تعلم أبدا أنني مصابة بالسرطان ... بعد معاودتي للطبيب التي كانت قد توقفت عن زيارته لأنني كنت منشغلة بموت أمي وحزنت حزنا شديدا ... أخبرني الطبيب أنه علي إجراء عملية استئصال كامل للثدي ... أقنعني بصعوبة كبيرة وبعد تيقني أنني هالكة لا محالة ، غيرت رأيي بعد عنادي بالرفض وقبلت إجراء العملية ... مرت سنتين من المتابعة وبشرت بالخبر ، أن نسبة السرطان المتبقية أصبحت ضئيلة جدا أي أنني هزمت المرض رغم كل هذا الشجن والمرارة والألم ...
في الحقيقة ، قصة هذه السيدة ،منحتني قوة وإرادة وتفاؤل وعمقت إيماني بالله العلي العظيم وأنه لا يصيبنا إلا ماكتب الله لنا مهما كانت الظروف ومهما كبرت المعاناة ،فإن الله رحيم بعباده .
وجه هذه السيدة المبتسمة ،لم أنساه إلى يومنا هذا ...قصتها وعزيمتها وتضحيتها فيها من العبر والدروس الكثير .
بقلمي سهيلة مسة / المغرب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق