الأحد، 27 سبتمبر 2020

نص بعنوان {{-- ياسمين--}} بقلم الأديب / {{{--💜 --رزق_البرمبالي --💜--}}}


 ياسمين

خُد مني يابيه وردة بجنيه،
الفل للفل والياسمين للغالين
اشتري ياباشا عُقد للبوغاشا،
خُدي مني ياست البنات وردة الحب تتكلم بكل اللغات

بهذه العبارات كانت الطفلة ياسمين ذات العشر سنوات، تنتهز فرصة توقف السيارات في الشارع الرئيسي، إنتظاراً لفتح الإشارة، وتنطلق بخفة فراشة وسرعة نحلة، تمد يدها عارضة بضاعتها من عقود الفل والياسمين ووردات الجوري ذات الألوان الزاهية والروائح الفواحة، ترتدي فستاناً ملئ بوردات حمراء وصفراء يتخللهما رقعتين إحداهما أسفل الصدر والأخرى في ذيل الفستان من الخلف، يتوهج خديها بحُمره كالشمس في كبد السماء، وتمتطتي شفتيها ابتسامة على الدوام، عينيها الزرقاوين الواسعتين، والرموش الطويلة والشعر الأشقر المنسدل على كتفيها في سلاسة ويسر، وروحها المرحة، كل ذلك كان بمثابة جواز مرور وسهم ينفذ لقلب كل من يراها،

يشترون منها ولايردوها، وينقضونها أضعاف الثمن، إلا من بعض النساء أو البنات اللائي ليس لديهن إلا مسحة خفيفة من جمال، فكن يردونها بعنف، لدرجة أن إحداهن جذبت منها عقود الفل وقامت بتقطيعهم في عصبية بالغه، ثم قذفتهم في وجهها!!!

جلست تبكي بجوار سور المدرسة على الجانب الأيسر من الشارع،

لمحتها كنزي التي تصغرها بعام واحد، من شرفة فيلتهم المقابلة للمدرسة، حيث كانت تتابعها يومياً في إنبهار وحب شديدين، إذ كانت معجبة بجمالها الأخاذ وخفه دمها وسرعة حركتها بين السيارات وعباراتها الجميلة التى كانت ترن في أُذنها كأبيات من الشعر فتطرب لها،
طلبت كنزي من أمها السماح بالنزول إلى الشارع لتطيب خاطر ياسمين، بعد أن قصت إليها ماحدث،
رفضت وقالت في غضب:
_ ناس بيئة، وأردفت: لاعلاقة لنا بهم!
وبعد إلحاحٍ شديد وافقت وهي تمضغ غضبها،

إحتضنتها كنزي وجبرت خاطرها بكلمات معسولة وطيبة لتخرجها مما هى فيه، ومدت يدها بورقة من فئة المائة جنهياً، رفضت ياسمين أن تأخذها في إباءٍ شديد،
حتي بعد إلحاحٍ طويلاً منها، في النهاية قالت :
أريد بها مجموعة ورورد غداً،
تناولتها مبتسمة وهي تمسح دموعها،

في هذه الأثناء كانت والدة كنزي تدب أرضية الشرفة بقدمها والشرر يتطاير من عينيها،
وأمرت الخادمة أن تحممها بالبيتادين وبعضا من الديتول المخفف بالماء، ووضع ملابسها في سلة القمامة، وكأنها كانت مع كلبه جرباء!!
أتت ياسمين بالمطلوب لكنها لم تجد كنزي، فقد كانت شرفتها مغلقة على غير العاده،
سألت البواب فأخبرها أنهم ذهبوا إلى شرم الشيخ،

بعد أسبوع غابت ياسمين، فقد لزمت أمها الفراش لوعكة أصابتها، بقيت إلى جوارها لخدمتها وأخواتها الصغار، وهى من كانت تنظم لها زهرات الفل والياسمين في عقود، وتزين أعناق الوردات بشريط حريري يختلف لونه بإختلاف لون الوردة،

عادت كنزي من المصيف، ولم تجد ياسمين فانتابها قلق شديد، وخشيت أن يكون قد أصابها مكروه،
بعد شهر تقريباً تنامي إلى أذنها صوت ياسمين،

عُقد الفُل لست الكُل، ووردة للأموره تشمها وتأخذ معاها صورة،
عقد ياسمين للمدام تفضل ريحته سنة لقُدَام،

إنتَفَضّت مسرعة إلى الشرفة، شاهدتها ياسمين، فأشارت بيدها والفرحة تكاد تقفز من وجهها المشرق، وكذلك كنزي التي أسرعت للنزول إليها غير عابئة بتحذيرات أمها من قبل بعدم الإقتراب منها أو الكلاب معها!!

على رصيف الفيلا نادت قائلة ياسمين وأشارت بيدها ثم أسرعت إليها وكذلك فعلت ياسمين غير عابئين برؤية الطريق، وكأن فرحة اللقاء أعمت كلاهما إلا عن رؤية الأخرى، فصدمتهما سيارتين في نفس الوقت، تجمهر عدد كثير حول كنزي، وعدد أقل حول ياسمين!
بعد خمس دقائق جاء إسعاف لكنزي، ورفض المسعفين إسعاف ياسمين أو حملها، وذهب الإسعاف يشق الطريق شقاً إلى المستشفى الإستثماري الكبيىر،
نصف ساعة مضت والإسعاف لم يصل بعد! وياسمين تصرخ حاولوا حملها إلي السيارة التي صدمتها للذهاب بها إلى المستشفى، لكنهم خافوا على عظامها من الإهتزاز بطريقة خاطئة فتنخلع من مكانها، إصطبغ فستانها الزاهي بلون الدم وكذلك عقود الفل والياسمين،

بعد ثلاث أرباع الساعة وصل الإسعاف!!! وضعوها على السرير النقال ثم إنطلقوا بها،
تبعها بواب الفيلا وحارس المدرسة، وبائعة المناديل.

رزق_البرمبالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق