الجمعة، 31 يوليو 2020

" الرقص مع الذكريات " للشاعر عادل عبد الرزاق




الرقص مع الذكريات
***
زارني هذا المساء طيفك
بعد أن نام الناس ببضعة ساعات
جائني حاملاً الفل والياسمين
في إحدى اليدين وبالأخرى الوردات
زقزق كعصفور ربيعيّ
خلف كل النوافذ وكل الشرفات
إمتلأت المدينة بعطرك المثير
ورحيق صدرك سكن بكل الطرقات
صارت كل الدروب أنت
من البدايات وحتى النهايات
على الجدران وجهك
وعيونك مرسومة على كل البنايات
أنفاسك تستثير الليل
فيبعث لشفتيك بأحلى القبلات
اليوم تذكرتك سيدتي
وتجسمّت في عيوني كل الذكرايات
ورغم أني قد بلغت الستيّن
ومرّ من العمر كثير السنوات
إلا أني ما زلت أعيش بك
وأعيش معك يا سيدتي كل اللحظات
الشوارع الخالية
والقناديل الخافتة
والأصابع تحضن الأصابع
والهمسات
كان حبك لحناً
وقيثارة
ورحيقاً وعطراً
وأغنيات
كان كلمات
ليست أبداً كالكلمات
كنت أعشق النظر لعينيك
وكأني أمارس يا سيدتي الصلوات
كنت أسير عبير شفتيك
وعطر الأحرف والكلمات
كنت خادم خطواتك
أينما سارت تلك الخطوات
كنت أسيرك كلّك
في كل الأماكن
وفي كل الأوقات
وكأني خلقت من أجلك
وكأني خلقت لك وحدك
أنت بالذات
وما العجب في ذلك
وأنتي يا سيدتي
أنت سيدة كل السيدات
اليوم تذكرت
وسالت على وجهي
وداخل حلقي الدمعات
اليوم أنت في مكان
وأنا في مكان
بيننا الفواصل والمسافات
لا أدري هل تزوجتي بعدي
أم أنك زهدتي الدنيا
وأصبحت راهبة من الراهبات
أنا تزوجت
وأنجبت
وصار عندي الأولاد والبنات
وبعض الأحفاد
والحفيدات
لكنك للأن داخل قلبي
بكل المعالم والتفاصيل والملاحظات
أنا لم أعشق غيرك
ولن أعشق غيرك
حتى لو تعددت يا سيدتي الزيجان
ألم أخبرك
أني خلقت لك وحدك
دون أسباب أو مقدّمات
أنا لك أنت
حتى لو اختلفت المقاييس والمعاير
ولو اختلّت المعادلات
ودون منطق
ودون أسباب
ودون استنتاجات واستنباطات
أو تحليلات
أنا لك وحدك
وسأظل لك وحدك
وسأظل أرقص
... مع الذكريات
***
*عادل عبد الرازق*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق