الصدمة.ابوشيماء كركوك.
تداهم قطع الليل التي تسللت الى بيتي وكأنها تعرفه،
وتلقي هموم الدنيا بين جنباته، تؤرق الأجفان سهدا تتوسل كي تنام ولكن لامحال،
هدأ الصمت على الأحداق، وظلت ناظرة وكأن الروح قد رحلت، ولكن خيال الماضي ثقب الثوب الاسود ،وبدأت من خلاله أشم طيب الأمل،
وأنا في دروب الأحلام أسير في طرقات منيرة، وتتدفق علي الابتسامات ،تذكرت حينها كلما أحلم بالضحكات أصحو على مشكلة ،ولاأدري ما الذي يخبيء لي الزمان،
وعند امتداد خيوط السحر ، دوى صراخ أختي الكبيرة صراخا برحيل أمي التي أنفاسها عطرا أتفيأ به عند همومي وظنوني وحسرتي وشكواي،
لاترحلي مازلت أحبو
تقرأين قلبي كتاب
عندك أكون صلب
سواك دوما أغلب
مازلت أمامك طالب
عطر حجابك طب
دروب السفر أصبحت ثقيلة ، والخطى تتبعثر ،ولاأجد من يدلني على باب أستريح فيه ويهدأ قلبي،
قطرات المطر بات الهواء يرسلها بعيدا ،وكأن نظرات أمي تستحي منها الغيوم ،
ضاع أثرها في البيت ،وصوتها الذي تطمئن له الجدران والقطط والعصافير ،حتى قلبي عندما تتغشاه الوعكات ،لاأسمع دقاته وأغرف في بحر الفرح من وجهها،
أختي الكبيرةالتي تقاسمني صور البيت ،تحدثني عن زوجها الذي تركته ،يقسوا على أمه ليجعلها تهرب الى بيت ابنها الثاني ،وهي تتكلم ،
ظهر مقدم برنامج مع امرأة بصيرة لم تعانق العقد الخمسين ، تبكي وتدعوا على ابنها بالويل والثبور ،
تقول المرأة :
أدخلني الى الحمام بحجة يغسل لي وأنا أتفاخر به ،ولكن مرض قلبه الخبيث ،يصورني وأنا عارية ،
وتنادي ياأمة الاسلام :
هل سمعتم مثل هذا؟ من ينقذني ؟
أين المعتصم؟ الذي نادته امرأة مسلمة في بلاد الاجانب، ونادت وامعتصماه ،
جهز جيشا وجعل أنوفهم بالتراب ،وعلى رؤوسهم خزي الخسارة ،
كانت أمي تسرد لنا القصص ونحن صغار، عن رجل إسمه حسن كان يعشق زوجته الفاتنة هيام حد العبودية ، وكانت تأنف من أبيه العجوز ، وتحاول الخلاص منه بشتى الطرق،
وبعد ضرب الحائط الكبير الذي بناه الأب ،وسقى السمنت بماء العرق المتصبب من جبينه،
ولكن كلام زوجة ابنه سحرا فاعلا في تفتت الصخر ،وتسرب الماء الداكن يخرج من ثناياه
صار الولد زوج الشقراء ،صار ضيقا لايعرف هواء الحقيقة ،
قال لابنه الصغير عارف: هيىء بطانية ، سوف آخذ جدك في سفرة ،
الرجل العجوز كأن سمعه يصب بها الرصاص الحار ،ودموعه تعانق النجوم التي نزلت تقاسمه الحزن وتأن أنينا يسمعه الرجل ولايملك حولا ولاقوة وقلبه يخاطب ابنه:
تمهل الدرب قصير
قلبي ضعيف لاتفطر
عمرك ليالي لاتمطر
تذكر أيامي لك عطر
مثلما تكتب الاسطر
مكتوب عليك اين المفر
الطفل الصغير أقدامه تتقدم وتتأخر الى غرفة النوم ،ليأتي الفراش الى جده ،صامت يقلب الحروف وعلى أي بحر ترسى،
صغير الجسد ولكن لاتقع كلمات أبيه في مكان جميل في قلبه ، يتذكر كيف كان جده يشتري له الملابس والألعاب، ويشاركه اللعب ويشجعه ويتابعه في الكتابة والقراءة،
أتى بالبطانية وقد قسمها قطعتين ،ولما وقعت عين والد الطفل على البطانية ،صاح على الولد : ماذا فعلت ؟
أجاب الطفل بجواب صعق ابوه وعادت اليه أنفاسه بعدما غيبتها زوجته ،
أبي قسمت جزءا ل جدي
والأخرى سأبقيها لك عندما تكبر
سقطت عيون جده بعدما احتضن حفيده ،وامتزجت الدموع ،وارتسمت البسمة على وجه القمر ،وعادت أنفاس النجوم ،وهدأت الرياح بعدما كانت تحاول قلع الاشجار،
من بعدك يسرد لي القصص، أماه من بعدك يؤنسني ،لمن ألقي كلماتي وأسأل عن أشعاري وكتاباتي ،
وعند مرضي عطرك يشفيني ، من دعائك لاتحرميني...
ابوشيماء كركوك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق