أن تكون حرا
الإنسانية لها سمات ومعايير أظنها أصبحت قليلة ، بل نادرة في هذا العصر، ولعل أسمى معاني الإنسانية أن تكون حرا لا عبدا، وقد يعترض البعض على أنه ليس هناك عبودية في الوقت الراهن، أقول لهم إن العبودية ليست محصورة فيمن وقع في الأسر وتم بيعه على أنه عبد. لكن العبودية أخذت اشكالا وأنماطا غاية في العبودية ولا ينقصها سوى وضع لافتة ( أنت عبد) فإذا نظرت حولك تجد أنك وقعت تحت أهم صك من صكوك العبودية، ألا وهو صك القهر، فمن منا يملك نفسه أو بالأحرى يملك أن يفعل ما يشاء( في إطار المشروع طبعا) بل أتحداك أن تستيقظ وقتما تشاء دون الحاجة لمنبه يوقظك، وللأسف تفعل ذلك بإرادتك تحت وطأت الحاجة والعوز، فعبوديتك أصبحت من داخلك لحاجتك لغيرك لكي تعيش حياة كلها عبودية، فلو نظرت لحياة الحيوان في الغابة تجد أنه ينعم بحرية أنت محروم منها، فهو يستيقظ وقتما يشاء يتناول طعامه وقتما يشعر بالجوع، فإذا اكتفى نام في خلاء هذا الخلاء ندفع الأموال الطائلة لنستمتع به تحت مسمى رحلات السفاري، قد تقول إنهم يحيط بهذه الحيوانات الأخطار، أقول لك وهل تأمن على نفسك من الأخطار بين البشر بني جلدتك؟ لكن الحيوانات ننعم بما حرمتك منه بشريتك، وللأسف البعض فرضوا علينا حياة العبودية لينعموا هم بالحرية ، فئة قليلة حرة استعبدت غيرها مستغلة حاجتهم وعوذهم، والأدهى من ذلك الدفع بوسائل ترسيخ العبودية تحت شعارات ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب، فنجد من يتغنون بأغاني تحث على العمل هم أكثر الناس خلودا للراحة والعيش في نعيم، كأنما الشمس الحارقة والصحراء القاحلة خلقت للعبيد فقط ، أما السادة فيأمرون وينهون من خلف زجاج في غرفة مكيفة، وما أكثرهم. ولكن عزاؤنا في أن هناك عالما آخر فيه تعاد الحقوق لا يهمل فيه مثقال ذرة. فإلى الله المشتكى.
بقلمي/ محمد حسان
ابن النيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق