الجمعة، 6 أغسطس 2021

( ما بين الثابت والمتغير ) ............ الأستاذ صخر محمد حسن العزه ـ عمان \الأردن

مــا بــيــن الــثــابــت والــمــتــغــيــر
قال تعالى : ( إنا هديناهُ السبيلَ إما شاكراً وإما كفوراً ) وفي آيةٍ أُخرى ( وهديناهُ النجدين )
في هاتين الآيتين الكريمتين تُشيران إلى الخيارين الذين سنَّهما الله للإنسان ألا وهما طريقا الخير والشر ، فإما أن يكون الإنسانُ شاكراً وإما كفوراً ، وحباهُ الله بالعقل من دون باقي مخلوقاته للتفكر وتمحيص الأمور ، وأرسل له الرُسل ليبينوا له طريق الهُدى والصلاح وليعينوه على تمييز الصالح من الطالح والغثِ من السمين
كثير من الناس من يلوم الحياة ويُحملها أخطائه ، أو يعتب على مُتغيرات الزمن ويلوم الأقدار ، أو يعتب على وطنه ، وبعضهم من يتمسح وينافق باسم الدين ، والدين من أفعاله براء
وما أود أن أطرحه هنا هو ما بين الثابت والمتغير ، فالثابت هو الأصل والراسخ والمستقر والدائم ، أما المتغير فهو غير دائم
فالحياة منذ نشأتها ثابتةٌ لا تتغير والمتغير هو الإنسان ، والأرض وما عليها ثابتةٌ منذ نشأة الخليقة ، والديانات التي أرسلها اللهُ الواحدة تلو الآخر وختمها بالإسلام هداية لكُل البشر ثابتةٌ لا تتغير
فما الذي يتغير ؟ إن المتغير هو الإنسان ، فالله عز وجل جعلهُ مستخلفاً فيها ، ولكنه لم يكن على قدر هذه الأمانة وعظمتها ، فأفسدَ فيها ً ، وأصبح يُلقي أوزاره على الحياة والزمن والقدر أو على الدين
فيا أيها الإنسان إن واقع الحياة ثابت لا يتغير ولكن ما يتغير هو واقعك وصدقك مع نفسك وصدق تعاملك مع إخوانك من بني البشر ، فلا تعتب على القدر أو الزمن فهما من عند الله ولكن اعتب على نفسك التي أمرتك بالسوء والتي سولت لك أن تضِلَّ عن طريق الصواب ، فكم من الناس من باعوا أوطانهم وتنكروا لها من أجل مصلحة ذاتية وبحجة أن الوطن لم يُقدم له حياةً كريمة ، ولا تعتب على الدين فالدين ثابت لا يتغير فهو شجرة ثابتة الأصول سامقةُ الفروع ،ووضع بين يديكم القرآن الكريم وفيه نهج حياتكم كاملاً ، ولكن ضعف إيمانك والركض وراء غرائزك وشهواتك ابعدك عن الصواب
فلو تتبعنا مسيرة حياة الإنسان على هذه الأرض ، نجُدها حركةً مليئة بالتطور والنمو ، واحياناً بالتراجع والتغيير ، وكل ذلك مرجعهُ ، إنطلاقاً من اختيار الإنسان وإرادته واستخدامه لعقله وغرائزه ومشاعره ، سواءٌ أكانت في الإتجاه السلبي او الإيجابي ، فالحياة جميلة وجمالُها بما تقدمه ايها الإنسان ، ليس بالتدمير والقتل ، بل بالتعمير والبناء والحياة الكريمة لكل ابناء البشرية
فالاختلاف والتغيير فيك أيها الإنسان وليس في الحياة ومكوناتها التي وهبها الله لك ، وقد قال الله تعالى : ( وما كان الناس إلا أُمةً واحدةً فاختلفوا ولولا كلمةٌ سبقت من ربُك لقُضيَ بينهم فيما يختلفون )
فعُد ايها الإنسان إلى دينك الذي شرعهُ الله لك لكي يكون هادياً لك في تسيير حياتك على هذه الأرض التي استخلفك فيها فعُثت فيها فساداً وخراباً ، واعمل لآخرتك لتنال رضى الله ورسوله الكريم ، والله تعالى هو الذي حرَّمَ عليك الفساد في الأرض والعبث فيها ، وأن الناس عند الله سواسية في أصل الخلق والإنسانية ، ولا فرق بين إنسانٍ وآخر في هويته الإنسانية ، إنما الفرق يأتي من اختيار الناس لنوع السلوك الذي يسلكونه ، فمنهم من يسلك سلوك الخير والهدى والإستقامة ومنهم من يسلك سلوك الشر والضلال والفساد ، وقال الله تعالى : ( ولا تُفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً ، إن رحمة الله قريبٌ من المحسنين )
عمان – الأردن
صخر محمد حسن العزه
6/8/2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق