الأحد، 5 مارس 2023

مجلة وجادنيات الأدبية (( العقل .. من الديكتاتورية إلى التسيّب )) للكاتب والشاعر علي علوي ـ الجزائر


العقل .. من الديكتاتورية إلى التسيّب
يتميز المخلوق البشري بالعقل عن بقية المخلوقات، لكن نادرا ما نغفل عن طبيعة هذا العقل الذي يتكفل بتسيير كل تصرفاتنا و انفعالاتنا و قراراتنا ، بل يتحمل مسؤولية حاضرنا و مستقبلنا ، فعند البعض منا يكون العقل حاكما صارما، قاسيا، عنيفا في قراراته،لا يراعي طبيعتنا البشرية، بحكم تقاليد المجتمع و نشأتنا و لا أقول تشريعات العقيدة، لأنها غُلّفت بالعرف أو التقاليد ، فابتعدنا عن شريعة سُنّت لراحة الإنسان عموما ، لأنها تتوافق مع فطرته، فيريد العقل منا أحيانا ان نرقى إلى درجة الملائكة ، رغبة في الكمال او خوفا من المجتمع ، متناسيا ما نحمل من قلوب رقيقة و مشاعر مرهفة، و رغبات حية، يمارس عليها سلطته قمعا و كبتا و حرمانا و تجويعا و حصارا حتى في عالم الخيال دون رحمة، مما ينتج عنه إضطرابات نفسية، قد تتحول إلى متاعب صحية، مما يؤدي أيضا إلى انفصام في الشخصية، فنتصرف أمام الناس بوجه و في خلوتنا بوجه آخر، الخطير في الأمر حين تنتقل العدوى إلى مجتمع بأكمله، فيتحول إلى مجتمع يعيش النفاق الجماعي،و الكبت الجماعي، يجرّم فعلا و يغضّ الطرف عن آخر لا يقل خطورة عنه،و تطغى كلمة " عيب" و تستعمل في غير محلّها، فتختلف نظرتنا و أحكامنا بين المطلقة و المطلّق، و بين العانس الأنثى و الذكر ، و بين الزانية و الزاني، و بين المنحرف و المنحرفة ، و بين الفقير و الغني ، بل حتى بين سارق و سارق، حينها يختلّ توازن المجتمع، و تنتشر فيه الموبقات و الإنحرافات، و ما كان في الخلوة يمارس في العلن، بل يصبح عادة و تقليدا، حتى يجنح العقل الصارم الى التسيّب، و يصبح أصحاب العقل الراشد المتوازن المرن "أقلية" في مجتمعهم، تعيش قمع تصرفات المجتمع الشاذة.
أليس هذا ما تعيشه مجتمعاتنا اليوم.. .!؟
أما آن الأوان أن نبني عقولا مرنة، عاقلة،بوصلتها الحكمة و العلم و الفطرة، و بذلك نبني مجتمعا يعيش التوازن النفسي.
الكاتب و الشاعر : علي علوي
2022-10-03

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق