الأربعاء، 17 أكتوبر 2018

" بنت من رحم الأسى " للمبدع \ أنور محمود السنيني


. " بنت من رحم الأسى "

نور تبلج من نهار عيون ِ
فتوهجت منه ليال جبين ِ
دمع كأقمار تتابع ومضها
لما جرى بخدود وجه دجون ِ
مازلت أسمعها نشيجا محرقا
وتحس بالدمع المضيء عيوني
يا أجمل السودان رفقا بالحشا
فلدي مما فيك ما يكفيني
بله البكاء ففقد عينك نورها
مبيضة من قلبك المحزون ِ
لا تبك ِ بعد شعاع نوري في الدنى
واستبدلي بي ما وراء جفون ِ
النور بين يديك من ظلم الأسى
قد شع بالخيرات فالتمسيني
كل الذي افتقدت حياتك عائد
فتبسمي فرحا بغير أنين ِ

هاك العلوم بما ملكت مضاءة
تأبى الخفوت ولن تفوت بحيني
هاك الحروف مخارجا وكتابة
حركاتها بثلاثة وسكون ِ
وتتبعيني ما شرحت مخففا 
أو مردفا ما بحت بالتنوين ِ
هاك القواعد في الكلام حكاية
وبلاغة بروائع التبيين ِ 
ألقي إلي بمسمعيك تعلما
وارقي إلى العلياء دون لحون ِ

ظهري مطيتك التي لو لم تكن
إلا لمثلك لم تزل تشقيني
هيا تعالي وامتطيها تركبي
ليلا وأنهارا أرق متون ِ 
جولي بميدان التعلم فارسا
ولغاية لم يكترث بمنون ِ
تخذي العزيمة كالمهند بارقا
طلب التخضب من رقاب الدون ِ
وتأسدي في غاب جهلك لو بدا 
مكر التجاهل ثعلبا في الحين ِ

لا تكسلي عن حفظ علمك واجعلي
لحروف خطك أجمل التزيين ِ
وتعودي عشق اليراع وطرسه
وتكبديه كعاشق مفتون ِ
حفظ القراءة بالكتابة مثبت 
وبه يكون العلم بالتدوين ِ
تكرار أسوأ ما تخط بنانة 
مشوارها لمراتب التحسين ِ

هاك السعادة أشرقت وبناتها
لو تنظرين عواطفي وشجوني
ولقد شددت على يديك معلما
من غير بوحك بالأسى المكنون ِ
إني ومن حبيك فهما همني
أعطيك علما غير علم ِ ضنين ِ
مأساة عمرك في فؤادي جمرة
لن تنطفي إلا بحر شجون ِ 
قسما لأنت حبيبتي وأخيتي
وأراك كبرى - ما عددت - بنيني 
وديك أطهر ما تجده علاقة
يا أخر الحزن الذي يكويني

قدرا أذقت ِ المر يا بنت الأسى
وبه رزقت ِ الحلو ما تعنيني
إني حملت كؤوس عمرك خمرة
والعصر عصرك والكروم حنيني
قومي اشربي ثم انتشي بسعادة
وتأهبي لتنوع الروتين ِ
خلي نهار العدل في دار طغت
يضوي ليالي الظلم والتهوين ِ
ودعي سيوف الحق مشهرة إذا 
بدت البواطل في الظروف الجون ِ
شقي جدار الصمت وانطلقي هنا
والسمت منك أريجه باللين ِ

كرب الزمان شديدة وأشدها
تلك التي تأتي من الأهلين ِ
لا ينفع القرآن أهلا لم يكن
لهمو نصيب من علوم الدين ِ
ديني معاملتي ونور عقيدتي
حسن التخلق مستنيرا دوني 
بغض المظالم آية لتعبدي
ربي ببعض معالم المسكين ِ
ما للطغاة تجبروا ياليتهم
علموا بأن جميعنا من طين ؟!!
أسفي إذا علموا ولما يفهموا
حبي لهم رغم الذي يهدوني
أين الديانة في قلوب همها
جلب الكروب بأروع التلوين ِ
ديني ابتسامة مبسم أو ضحكة
صنعت لوجه في الحياة حزين ِ
ديني سعادة بائس أهديتها
رفقا وإلا ضاع حقا ديني 
قولي لهم هذا وذاك عظيمة
إن السعادة لم تكن لمهين ِ

يا من دخلت إلى حياتي أنة
ببحور دمع من أساك سخين ِ
يا من سكنت بنار حزنك مهجتي
وسمعت ما أضفى وزاد جنوني
يا من لها نبضات قلب واجف
خوفا عليها من غيوب شؤون ِ
يا من رأيت يتيمة الدنيا بها
بكرامة جلبت كثير دنين ِ 
يا من أصدقها بكل حكاية
وأبيت أرميها برجم ظنون ِ 
يا أجمل السودان لست وحيدة
مادمت قربك كلما تأتيني
أهديك ما تبغينه متأملا
ألا تريني الدمع أو تهديني
وجع المآسي منذ جئتك قد مضى
وبقيت في عصر المنى المضمون ِ
ونزيف جرح الدهر أوقفه اللقا
وهنا أضمده بحرف النون ِ
وحياة ربك ما حييت فإنني
لك في الدنى أوقفت كل سنيني
فخذي مرامك من غمام قصيدتي
ومتى ارتويت أو اكتفيت دعيني 
أملي احتواؤك للسعادة كلها
في هذه الدنيا وحيث تكوني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي أنور محمود السنيني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق