آخر الكلام ...
"البركة في هذا الزمان"
عندما تنظر إلى جميع من حولك، من غنيهم وفقيرهم عزيزهم وحقيرهم، الكل أصبحت له لا شكوى واحدة بل شكاوى كثيرة، والغريب أن هناك قولٌ مشترك بين الجميع خصوصاً في هذه الأيام، أين ذهبت البركة من هذا الزمان؟، فقد أسيقظ البعض فلم يجد البركة التي عاش بها الأباء والأمهات في السابق بالقليل الذي صنع الكثير ببركة هذه القيمة التى تسمى البركة، فالبعض يشتكي من ضياع البركة ليست في المال فقط بل ضاعت البركة في الأولاد والأزواج وفي الوقت وفي حتى الرضا، فلا بركة الأن إلا في عدم البركة، وعندما تنظر لحال الإنسان الأن وتقارن الأحوال بما كان ستجد من السهل الوصول إلى الإجابة، فنحن نعيش واقع يدعو للرثاء ، فالأموال في الأيادي كثيرة عن الماضي ومع كثرتها لا تشبع، والأولاد كثيرة ومع كثرتهم أصبحوا في تلاهي، والبنات تملاء الطرقات، وشباب يبحث عن عروس ويقول مش لاقي، ومساجد وكنائس تعج بالمصلين وطالبي الجنة ورضاء الله، وأكثرهم يغش ويكذب في الحياة ويقول هذه نقرة وهذه نقرة، وأيمان غليظة كاذبة ونفوس تركت ما بها من خلل ونظرت لعيوب الأخرين، والعيب تغير مفهومه الأن فأصبح يتلون كما سبق وتلون الكذب من كذب أبيض وآخر بلون آخر، وحياء توارى في جانب بعيد في النفوس، وتجارة مقدمة على القيم فالتجارة شطارة وأصبحت التجارة تتناول ما كان من أسرار السيدات على الميديا، وفي المحلات والسوبرماركت تعرض بلا حياء وكلمات كانت لا تخرج إلا بحساب وفي وقت ومكان خاص، أصبحت تقال في كل وقت وفي كل مكان، ونساء محجبات في منطقة معينة وأكثر من سافرة في باقي الجسد، ورجال يتعاملون مع النساء بمنتهى اللا أدب وتستخدم الأيادي بدل الألسُن في الحوارات، ووسائل إعلام تتبنى الشاذ من السلوك، وعندما تتكلم تسمع من يقول كل هذا يحدث في الحياة وهذا إبداع، وكأن الإعلام يروج حتى يسود الشاذ في الحياة، وأمثلة تروج وتحذر من الجيران "كوم حجار ولا جار"، وشملت الأصدقاء "إحذر عدوك مرة وإحذر صديقك الف مرة"، حتى الأهل "فالأقارب كالعقراب"، وعم الكذب في الحياة من الجميع مواطنين ومسئولين وحتى رجال دين، وأصبح الحرام كما الحلال يلبس ذات الثياب فلا تميز بينهما إلا ما رحم ربي، وأصبح صاحب اللسان الطويل وبذيئ الكلام أسد وحوله مؤيدين وأنصار، وقوانين تطبق أحياناً وقد لا تطبق في أحيان كثيرة، ولما حقق الإنسان كل البذاءات الممكنة إتجه إلى المقدسات، فهذا يحرق كتاب الله وتسمع من يقول حرية رأي، وهذا يسئ لرسل الله رسماً أو قولاً ويقال هي حرية رأي، ورجل ينفق الآلاف من الدولارات ليتحول إلى كلب، ومسؤول في بلده يتزوج من أنثى تمساح وتقام له الأفراح، ودعوة للشذوذ والمثلية وتقام لها المظاهرات للتأيد، ورجال تتشبه بالنساء ونساء تتشبه بالرجال، وغرائب دخلت قاموس الحياة، تنفُر منها النفوس السوية، ومن حولك قد إختفت قيم كثيرة وحل مكانها كل ما هو لا يسعد من عاش مع القيم، وما كان يفعل سراً حياءً أصبح يفعل علناً بلا حياء ، ثم بعد كل هذه المتغيرات في الحياة تتعجب من إختفاء البركة، فأنا أعتقد أن البركة تركت لنا الأرض وذهبت عند ربها بعد أن كادت تختنق من أحوال جدت منن حولها، ولما إمتلئت الحياة بما لم يكن منتشراً بهذا الشكل في أيامنا هذه، غير أيام سابقة كانت تعيش بيننا قيمة طاهرة تسمى البركة، تتنفس هواء نقي وليس هواء يخنق من تلوثه كل شيء جميل.
♠ ♠ ♠ ا.د/محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق